إن كساك الله تصلي؟
قال ((الاصمعي)) بينما انا في بعض اسفاري وكان
البرد شديداً , فالتجأت الي حي من احياء العرب , واذا بجماعة يصلون
وبقربهم شيخ ملتف بكساء رقيق وهو يرتعد من البرد ,
فجلست بجانبه و قلت له : انشدنا , فقال::
أيـا رب ان البـرد اصـبـح كـالحــا ******* وانـت
بـحـالـي يـا الهـي اعــلـم
فإن كانت يوماً في جهنم مدخلي ******* ففي مثل هذا
اليوم طابت جهنم
فعجبت من فصاحته وقلت له : ايا شيخ , اما تستحي
تقطع الصلاة وانت شيخ كبير ؟
فأنشد :
ايطمع الرب ان اصلي عاريا ******* ويكسوي غيري
كسوة الحر والبرد
اذا الله اعطاني قميصا وجبة ******* اصلي له حتي
اغيب في القبر
وان لم يكن الا سواها عباءة ******* مخرقة مالي عن
البرد من صبر
فوالله لاصليت ما عشت عاريا ******* عشاء ولا وقت
المغيب ولا الوتر
ولا الصبح الا يوم شمس دفيئة ******* و إن غيمت
فالويل للظهر والعصر
و والله لا صليت لله مغربا ******* ولا اختها
الاخري ولا مطلع الفجر
قال ((الاصمعي)) : فقلت يا اخا العرب , ان كساك
الله تصلي ؟ قال : اي ورب الكعبة , قال فعطيته فضل كساء كان معي ,
فاخذه ولبسه ثم تيمم والماء بين يديه . فقلت له :
ياهذا لا يجوز التيمم والماء قريب منك , فقال انا اعلم منك بهذا , ثم توجه يصلي
قاعداً, فقلت له : ياهذا لا يجوز لك ايضا ان تصلي قاعداً وانت تطيق القيام ! فقال
: بلى , فإني لاجد الاعتذار لربي,
ثم كبر وقال بسم الله الرحمن الرحيم . وجعل يقول
في صلاته :
اليك اعتذاري في صلاتي قاعدا ً *******علي غير طهر
موميا نحو قبلتي
فما لي ببرد الماء يا رب طاقة ******* ورجلي فلا
تقوي على حمل ركبتي
ولكنني استغفر الله شاتيا ******* واقضيكها يا رب
في وجه صيفتي
واذا انا لم افعل فانت محكم ******* بما شئت من
ضعفي ومن نتف لحيتي