إن تصنيف الطاقات والتعرف على الإمكانات هي السنة النبوية التي كان يمارسها المربي الأول محمد صلى الله عليه وسلم مع أصحابه الغر الميامين، الذي كان يعرف قدراتهم وطاقاتهم، ويوجههم بحسبها، فانظر إليه صلى الله عليه وسلم، وهو يقول عن هذه السنة :
(أرحم أمتى بأمتى أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح) [رواه الترمذي، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي.
ولذلك نرى استعمال النبي صلى الله عليه وسلم لتلك السنة واضحًا جليًّا في توظيفه لقدراتهم وإمكاناتهم، فيخصص بعضهم لكتابة الوحي ممن عرفوا بالأمانة والمهارة في الكتابة، كزيد بن ثابت، وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم.
بينما يخصص آخرين لقيادة الجيوش، لما عرفوا به من عبقرية حربية، وكفاءة عسكرية، كخالد بن الوليد، وأبي عبيدة بن الجراح، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم، ويبقي معه فئة ثالثة يتخذهم وزراء، ويدربهم على أمور الحكم والقيادة؛ حتى يعدهم لمهمة الخلافة من بعده، كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين.
وبهذه الفراسة النبوية، وبحسن توظيف الطاقات والقدرات، أمكن لصحابة النبي صلى الله عليه وسلم أن يحوزوا القمم السامقة كل في مجاله الذي برع فيه، وأمضى فيه حياته كلها يبذل لدين الله من خلاله، فكان منهم الحكام والقادة، والعلماء والخطباء، والوزراء والاقتصاديين، وغير ذلك من مجالات التخصصات التي تحتاجها دعوة الإسلام.
منقول،،،
بارك الله في من كتبه ونشره،،
(هدره بن هكه)