بسم الله الرحمن الرحيم
((التنمية البشرية والسنة النبوية))
محاضرة ألقيت في جامعة صنعاء بمناسبة المولد النبوي الشريف في
21/1/2013م.
الدكتور/ محمد حسين الصافي.
الحمد لله الذي أرسل محمداً رحمة للعالمين, وسن لنا سنة أحياء المناسبات فجعل من السعي بين الصفوة والمروة أحياءاً لذكرى سعي هاجر عليها السلام, ورمي الحجرات إحياءً لسنة إبراهيم عليه السلام في رمي الشيطان.
ما أحوج الأمة اليوم لأحياء كل مناسبة للتذكير بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم فهو المعلم الأول الذي علم البشرية كثيراً مما جهلت وكثير مما كشفت عنه العلوم الحديثة كان أخبر عنه الله ورسوله سواءً قرآناً أو حديثاً.
ومن هذه العلوم الحديث علوم التنمية البشرية وهي علوم تعني بتحقيق تنمية وتطور لقدرات الإنسان العقلية والنفسية و الصحية والمادية.
وفي الحقيقة أن أكبر وأعظم عملية تنمية بشرية تمت في التاريخ كانت على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كيف تمكن رسول الله من تحويل أمة جاهلة في صحراء قاحلة إلى أعظم أمة تحمل أعظم رسالة فتحت بها العالم وحققت أحد أكبر الحضارات التي شهدتها البشرية ومن خلال جيل واحد فقط بصم البشرية ببصمة لازالت مؤثرة فيه إلى اليوم؟
العلوم الحديثة اليوم تلقي ضوء حول كيف تمت هذه المعجزة على يد الحبيب المصطفى.
فمن أهم علوم التنمية البشرية علم يسمى علم البرمجة العصبية اللغوية، وهو علم يستخدم في مجال السياسة ومجال الأعمال والتجارة والإعلام ومجال الدعوة الدينية.
والبرمجة اللغوية العصبية لها العديد من التعاريف تختصر بأنها مجموعة الأفكار والأحاسيس والتصرفات مع النفس ومع الآخرين.
ومن أهم مصادرها:-
1) الأبوين. حيث90%من القيم تؤخذ في السبع السنوات الأولى.وهذا يذكرنا بقوله صلى الله عليه وسلم:” مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ في الْمَضَاجِعِ “.
2) المدرسة.
3) الأصدقاء.
4) وسائل الإعلام.
5) المحيط الخارجي.
6) من نفسك: الخبرات والتفكير الذاتي.
ويقصد باللغوية اللغة الداخلية واللغة الخارجية.
فاللغة الداخلية التي لاتسمعها مثل حركة الجسم أو تعبيرات الوجه. واللغة هي القدرة على التواصل سواء باستخدام الكلمات أو غيرها.
يقول علماء البرمجة اللغوية العصبية أن الكلام لا يمثل أكثر من 7% من الاتصال مع الآخرين. ونبرة الصوت 38%. وحركات الجسم وتعبيرات الوجه 55%. المجموع 100%.
وهذا يذكرنا بقول العلماء حقيقة الدعوة إلى الله بلسان الحال وليس بلسان المقال.
ويستند هذا العلم إلى مبدأ محاكاة الناجحين أي إذا أردت أن تكون ناجحاً عليك أن تفكر وتعمل كما يفكر ويعمل الناجحون, ولهذا قام العلماء المؤسسون لهذا العلم بدراسة الناجحين.
فوجدوا أن من مواصفات الإنسان الناجح عدة مزايا من أهمها:
أولاً: التفكير الإيجابي.
ثانياً: التمتع بالانضباط الداخلي.
ثالثاً: القدرة على الحب والتسامح.
رابعاً: وجود قدوة أو مثل أعلى ولديه قيم عليا.
خامسا: القدرة على بناء علاقات ناجحة مع الآخرين.
سادسا: القدرة على تجنب القتلة الثلاثة: اللوم والنقد والمقارنة.
أولاً: التفكير الإيجابي:
وجد أن من أهم الفروق بين الإنسان الناجح والإنسان الفاشل أن الإنسان الناجح يتمتع بالتفكير الإيجابي, بينما الفاشل يسيطر عليه التفكير السلبي, فالناجح هو الذي يقول لك أن نصف الكأس مليان بينما السلبي يقول لك أن نصف الكأس فاضي.
خطورة التفكير والفكر أنه هو الذي يصنع واقع الإنسان. فالإنسان بما يفكر: والفكر تؤثر على الذهن فإذا مثلا ظننت بإنسان ظناَ سيئاً يقوم العقل بالتركيز على كل ما يؤكد هذا الظن.
والفكر يؤثر على صحة الإنسان وفي مشاعره وحالته النفسية فهو الذي يصنع المشاعر الإيجابية والمشاعر السلبية والفكر يؤثر على السلوك وعلى طاقة الإنسان، وهكذا.
إذن من يستطيع أن يسيطر على ذهنه (أي على طريقة عمل عقله) يسيطر على جسمه ومشاعره ونفسيته.
الفكر يصنع الواقع إلى درجة قالوا إذا دخلت بسيارتك موقف سيارات مزدحم وقلت لن أجد موقف فإنك لن تجد موقف, والعكس صحيح.
في هذا المجال ماذا يقول الحبيب المصطفى: يقول عن الله عز وجل في الحديث القدسي المشهور: ((أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما يشأ)), وفي رواية: أنا عند ظن عبدي بي إن ظن خيراً فخيراً وإن ظن شراً فشراً. (الطبراني في معجم الأوسط وأحمد ) وفي رواية وأنا معه حيث ذكرني. مسلم
ومعنى الحديث واضح: إذا ظننت خير وجدت خير وإذا ظننت شراً وجدت شراً.
ولهذا يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا بل أنه قال: بشروا الناس أنه من قال لا إله إلا الله وجبت له الجنة.
وهذا بلا شك قمة التفكير الإيجابي والحالة الإيجابي التي نشرها رسول الله بين الناس.
كذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن التطير أو عن التشاؤم والتفكير السلبي فقال: الطير شرك. (البخاري في المفرد)
ويقول: لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل الصالح الكلمة الحسنة (البخاري مفرد). وقالت العرب: البلاء موكل بالمنطق.
وهذا يذكرنا بعلم البرمجة العصبية الذي يستند إلى استخدام اللغة والألفاظ للتأثير على العقل والفكر والسلوك، بل وعلى العقل الباطن.
أي إذا استخدمت ألفاظ إيجابية فإنها تترك أثراً إيجابي والعكس صحيح.
وفي هذا يقول جوزيف مورفي أحد كبار علماء التنمية البشرية في أمريكا :”أن الكنز الحقيقي الذي يملكه الإنسان هو في الصلاة والدعاء”.
وبالتالي أتباع السنة من الصلاة ودعاء وأذكار أفضل برمجة عصبية إيجابية للإنسان لأنه يدعو بالخير ويذكر الخير.
ومن أفضل برمجة عصبية هي الدعاء بأسماء الله الحسنى وتردادها “أدعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة”.
وللأسف من أخطر ما يواجه المسلم اليوم هو البرمجة العصبية السلبية التي تأتيه من خلال الإعلام والفضائيات. وهي مدمرة للإنسان يقول جوزيف مورفي: (أن الاستماع إلى الأخبار التي تضع بذور الخوف والقلق والتوتر والإخفاق تؤدي إلى فقدان الرغبة في الحياة).
ثانياً: التمتع بالانضباط الداخلي:
من مواصفات الإنسان الناجح قدرته في السيطرة على نفسه, والذي لا يستطيع أن يسيطر على هوى نفسه لا يكون إنساناً ناجحاً.
والحقيقة أن هذا هو المنهج الرباني والنبوي في التربية والسلوك والتزكية, فالصلاة والصيام والصدقة كلها منهج لرفع مستوى القدرة على الانضباط الداخلي.
ويتجلى هذا المنهج في قصة تابوت بني إسرائيل. ففيها الوصفة الربانية لإخراج أمة من طور الهزيمة والضعف إلى طور النصر والتمكين في الأرض. فأعطاهم الله عز وجل ثلاثة أشياء.
١): طالوت ملكا عليهم . وهذا يبرز أهمية القيادة وتأثيرها في التوفيق والنجاح.
٢): رد إليهم التابوت الذي كانوا يتوسلون به إلى الله. وهذا يبرز أهمية الارتباط بالأنبياء وأثارهم أحياءا وأموات. مع صحة الاعتقاد أن النفع والضر بيد الله عز وجل. وأهمية التوسل إلى الله بمن يحب. ولو كان في ذلك شرك لنهاهم عنه وبين لهم وصحح عقيدتهم وما رد التابوت إليهم.
ثالثا: تزكية أنفسهم وتربيتها بعدم الشرب من النهر وهم في حالة من العطش.أي النصر على النفس قبل النصر على العدو الخارجي. فأعدا أعداء الإنسان نفسه الأمارة بالسوء. وهنا يبرز أهمية علم التزكية ودوره في الحياة بل وفي النصر.
“وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247) وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (248) فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249)”.
ثالثاً: القدرة على الحب والتسامح:
وهذه من أهم سمات الإنسان الناجح, فالإنسان الذي يحب الناس ولا يسامح فلا يكون إنساناً ناجحاً.
– والحقيقة أن المجتمع اليوم يعاني من مرض الكراهية وهو المرض الذي حذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: دب إليكم داء الأمم قبلكم الحس والبغضاء هي الحالقة حالقة الدين لا حالقة الشعر. رواه أحمد
– مورست علينا كل أنواع سياسات فرق تسد.
– لكن أنظروا كيف بنا رسول الله المجتمع المسلم. مجتمع الحضارة فقال: والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم.
– ولا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
والقدوة التي قدمها لنا رسول الله أنه لم يكن فقط يحب ويتمنى الخير لمن يحبه بل ويستغفر من يعاديه مثل رئيس المنافقين عبدالله بن أبي الذي أنزل الله فيه: “اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ.” التوبة(80). فقال سأزيد على السبعين فأنزل الله:”وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ”. التوبة(84).
فمنهج النبي في التعامل مع الأعداء بالحب.
هنا يقول مولانا جلال الدين الرومي: إذا أردت أن تقلب العدو صديق فادعوا له بالخير 40 يوماً ينقلب العدو صديق.
الإسلام دين الحب والمحبة والتفاني والتسامح والأخوة وكظم الغيظ ومن أجمل ما كتب كمنهج يدعو إلى المحبة ما كتبه الأستاذ فتح الله كولن.
رابعاً: وجود قدوة أو مثل أعلى وله قيم عليا:
وجود القدوة ضرورة نفسية مهمة للفرد سواء أدركها من خلال عقله الواعي أو لم يدركها.
لكن الإنسان الناجح يكون عادة له قدوة أو مثل أعلى يقتدي به فكرياً وسلوكياً بشكل واعي.
وفي السنة النبوية كان الحبيب قدوة الصحابة الكرام يقتدون به في كل أمورهم. حتى في أكل الدبا. ويقتدون به في كل أحواله منذ الاستيقاظ حتى النوم، وطبعاً كان الحبيب نعم القدوة العليا, قدم أرقى ما يمكن أن يصل إليه الإنسان من سلوك وقيم.
ومشكلتنا اليوم ومشكلة الكثير من الشباب هو فقدان القدوة الصالحة. وأصبح الإعلام يقدم نماذج سيئة كقدوة, فنان أو لاعب كرة.
ولهذا تأتي أهمية أحياء المناسبات لأحياء سنة النبي فينا كقدوة دائمة نقتدي بها.
والقدوة يجب أن يكون ممدوحاً. أو بلغة العصر الأضواء مسلطة عليه لإظهار خصاله الحسنة والايجابية حتى يقتدا بها.
ومدح النبي منهج قرآني وسنة النبي والصحابة فكانت تلقى على النبي قصائد المدح وكان يكافئ عليها، وذلك ما لهذه القصائد من تأثير نفسي ووجداني وإعلامي في الناس.
خامسا: القدرة على بناء علاقات ناجحة مع الآخرين:
وهذه من أهم صفات الإنسان الناجح، بل لايكون ناجحا مالم يكون فاعلا ومؤثرا في من حوله. ويجب أن يعرف ويمتلك أفضل وسائل الاتصال والتواصل والتفاهم مع من حوله ومع الآخرين.
وفي هذا المجال ماذا يأمرنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم؟
1- يأمر ببدء السلام.
2- ويأمر بالتزاور.
3- ويأمر بحسن الخلق والتواضع وعدم التكبر.
4- ويأمر بالأمانة والوفاء بالعهد.
5- ويأمر بالصدق والاستقامة.
6- ويأمر بالمحبة والتراحم والحياء.
7- يأمر بالإيثار والكرم.
8- يأمر بحفظ اللسان وعدم الفحش والتفحش.
كما انه نهى عن الأخلاق السيئة التي تضر الآخرين وتنفرهم فنهى عن الكذب والنفاق ونهى عن الخيانة والغدر ونهى عن سوء الظن والتجسس والغيبة والنميمة. ونهى عن السخرية والاحتقار والهمز واللمز. ونهى عن الحسد والغلظة والغضب وهجر المسلم أخاه والاحتيال والرشوة والمن بالعطية. ونهى عن البخل والظلم والبغي والاختيال والفخر.
سادسا: القدرة على تجنب القتلة الثلاثة: اللوم والنقد والمقارنة:
إذ عندما يستخدم الإنسان أي نوع من هذه الأنواع فهو يكون أول ضحاياها، وترتد عليه مؤثرة فيه تأثيرا سلبيا خطيرا. ولا يكون التأثير سلبي فقط على الشخص الآخر. فاللوم والنقد يجعل الإنسان يشعر انه ضحية، وهو سم داخلي يخزن في عقله الباطن، مثل الذي يلوم مديره فيؤثر ذلك على تقديره الذاتي وعلى أداءه للعمل. وهذا الخلق عدم اللوم والنقد كان من أخلاق الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم فعن أَنَسٍ رض الله عنه قَالَ خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- تِسْعَ سِنِينَ فَمَا أَعْلَمُهُ قَالَ لِى قَطُّ لِمَ فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا وَلاَ عَابَ عَلَىَّ شَيْئًا قَطُّ .(رواه مسلم رقم 6154).
كذلك المقارنة فهي تسبب مزيد من الإحباط والألم النفسي سواء المقارنة بين الشخص ذاته وبين الآخرين أو بين الشخص ذاته في وقته الحاضر وبين نفسه في الماضي أو المقارنة بين شخص وشخص آخر مثل المقارنة بين الإخوة مما يسبب لهم الإحباط والألم .
وفي النهي عن المقارنة عن أبي ذر في حديث طويل : قال قلت : يا رسول الله أوصني قال : ( أنظر إلى من هو دونك ولا تنظر إلى من هو فوقك فإنه أجدر أن لا تزدري نعمة الله عندك ) ( رواه الطبراني في المعجم الكبير 1651).
هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل معلم شهدته البشرية.
ولهذا علم أن أفضل برمجة عصبية إيجابية وأفضل تنمية بشرية يمكن أن يحصل عليها إنسان هو في إتباع سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. لأنه أرقى قدوة يمكن ان يقتدا بها لقوله تعالى:” لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا. الأحزاب (21).
فالسنة كلها برمجة عصبية بناءة, تجعل الإنسان يعيش أفضل حياة ممكنة فيها الخير والتفاؤل والرحمة والعطاء والسعادة في الدنيا والآخرة. تبدأ من دعاء الاستيقاظ وحتى دعاء النوم.
فعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَمِنًا أَنْ يَقُولَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنْ اللَّيْلِ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ الْيُمْنَى ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَحْيَا وَبِاسْمِكَ أَمُوتُ فَإِذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ اللَّيْلِ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانِي بَعْدَمَا أَمَاتَنِي وَإِلَيْهِ النُّشُورُ”. مسند أحمد 23286 .
كذلك من أدعية النبي التي علمها قوله صلى الله عليه وسلم:” مَنْ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً إِلاَّ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُرْضِيَهُ ». سنن أبى داود5074. قال بعض العلماء في هذا الدعاء انه وصفة السعادة الربانية ، لأن السعادة الحقيقية في الرضا الداخلي.
ويكفي أن أهم فائدة من فوائد إتباع السنة أنها تورث حب الله عز وجل.” قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ”. آل عمران. (31).